dimanche 8 mars 2015

اليوم العالمي للمرأة: تخليد وقضايا



            
شكلت المرأة على مر العصور حجر الزاوية داخل الأسرة، لما لها من دور فاعل في استمرار البشرية وتعاقب الأجيال. وتزامنا مع تطور المجتمعات واضطرارها إلى الخروج إلى معترك الحياة إما عاملة أو متسوقة أو لقضاء مآرب شتى، فقد باتت في ظل هذه الوضعية معرضة للكثير من الإكراهات التي قد تتنافى وطبيعتها الأنثوية، مثل التحرشات اللاأخلاقية والعنف. ولعل هذا ما لم تقبله المرأة بطبيعة الحال، ومن هنا بدأ الاحتجاج والتصدي لكل أشكال الظلم.


وإن شئنا البحث في التاريخ، فيمكن القول إن رد فعل النساء قد بدأ منذ زمن بعيد، وبالضبط في عام 1857 حيث خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل فيها. وتحت ضغط النضالات والمسيرات المستمرة، نجحت النساء في دفع المسئولين السياسيين إلى الالتفات إلى مشكلة المرأة العاملة. وفي الثامن من مارس من سنة 1908، عادت الآلاف من النساء العاملات للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك حيث طالبت المسيرات هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع، وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم للمرأة الأمريكية تخليدا لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909. وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة،  وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن.

ونحن المغاربة إسوة بدول المعمور نحيي هذا اليوم العالمي كل سنة، ونحتفي فيه بالمرأة المغربية، وهي كذلك فرصة للالتفات اليها وتفقد أحوالها ومعالجة كل الاختلالات التي تعرقل مساهمتها في قطار التنمية من أجل أن تتبوأ المكانة التي تستحقها داخل المجتمع، بدون تمييز ولا تبخيس لأدوارها الطلائعية. فالثامن مارس من كل عام محطة سنوية للوقوف على حصيلة المكتسبات على امتداد سنة كاملة من الحضور الفاعل والنضال المتواصل للمرأة داخل المنابر المجتمعية.

ويمكن اعتبار اليوم العالمي للمرأة مناسبة لإسماع صوت النساء وفرصة لتوحيد كلمتهن وإبراز مواطن القوة التي تحركهن للمطالبة بحقوقهن السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والإنسانية عموما، خاصة وان فئات واسعة من النساء على امتداد مساحة الكرة الأرضية تعشن تحت سياط العنف والضرب والاغتصاب والتشويه والاعتداءات المختلفة الأشكال والأنواع النفسي منها والجسدي.

لقد تحققت مجموعة من المكاسب للمرأة المغربية خلال العقود الأخيرة وفي مجالات متعددة. هذه المكاسب كانت إلى عهد قريب عبارة عن مطالب ناضلت الحركة النسائية من أجلها مستعملة مختلف الوسائل من أجل تحقيقها. ولعل أبرز هذه المكاسب الإصلاح الذي عرفته مدونة الأسرة والتي كانت بحق ثورة على المستوى العربي بإقرارها لقوانين تعزز رصيد دور المرأة في الحياة الأسرية وترفع هامتها بالقدر التي تستحقه وبما لا يتعارض مع التعاليم الإسلامية السمحة. بالإضافة إلى تعديل القانون الجنائي وتضمينه لقوانين جديدة تهم المرأة كتجريم التحرش الجنسي، ومدونة الشغل وغيرها من الاجراءات. كلها إشارات حقيقية تترجم إلى حد كبير مستوى الاحترام الذي تحظى به نساء المغرب، إلا أن الحصيلة بإيجابياتها في مجال حقوق المرأة  لم ترق إلى مستوى طموحات الحركات النسائية  والتي لا زالت تطالب بالمزيد من المكاسب لأجل تحقيق المساواة مع شقيقها الرجل لاسيما في    التمثيلية السياسية سواء داخل الحكومة   او في المؤسسات المنتخبة.

وأخيرا، فالمرأة فيها الأم، فيها الزوجة، فيها الأخت، فيها الابنة، فيها الجدة.... تستحق منا كل الحب والاحترام والتقدير ليس فقط خلال هذا اليوم ولكن على طول السنة. ولا يمكن أن يغيب عن اذهاننا ، ما تعانيه المرأة القروية من تهميش وحرمان وقسوة الطبيعة، مع قلة ذات اليد والعون، لذلك حان الوقت للانكباب بجدية على موضوع المرأة القروية  والتخفيف من معاناتها قدر الامكان . كل عام ونسائنا بألف خير.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire